مقدمة
في المشهد الاقتصادي المغربي المتنامي، تُشكل الهوية التجارية للشركات والمشاريع أحد أبرز الأصول غير الملموسة التي لا غنى عنها لبناء الثقة وترسيخ الهوية المؤسسية واكتساب العملاء. هذه الأصول، التي تشمل الاسم التجاري والعلامة التجارية، تُعد ركيزة أساسية تُبنى عليها السمعة التجارية وتُعزز القدرة التنافسية في السوق. إن تزايد النشاط الاقتصادي في المغرب، وما يصحبه من منافسة متصاعدة، يؤكد الحاجة الملحة إلى فهم دقيق للإطار القانوني الذي يحكم هذه الأصول.
يواجه العديد من أصحاب المشاريع والشركات في المغرب تحديات في التمييز الدقيق بين مفهومي “الاسم التجاري” و”العلامة التجارية”، وما يترتب على تسجيل كل منهما من حقوق حصرية للاستعمال في السوق. هذا الخلط الشائع يمكن أن يؤدي إلى عواقب قانونية وخسائر مالية غير متوقعة، خاصة في الحالات التي تتشابه فيها الأسماء بين كيانين تجاريين.
يهدف هذا المقال إلى تفكيك هذه الإشكالات القانونية، مستنداً إلى النصوص التشريعية المغربية، وخاصة القانون رقم 17-97 المتعلق بحماية الملكية الصناعية بصيغته المعدلة.1 كما يسعى إلى تحليل الآثار العملية المترتبة عن تسجيل العلامة التجارية أو عدم تسجيلها، وتقديم توصيات واضحة لأصحاب المشاريع لضمان حماية حقوقهم الفكرية في السوق المغربي. إن هذا التحليل القانوني والعملي يهدف إلى تزويد الفاعلين الاقتصاديين بالمعرفة اللازمة لتجنب النزاعات وحماية استثماراتهم في بناء علاماتهم التجارية.
أولاً: التمييز المفاهيمي بين الاسم التجاري والعلامة التجارية
يُعد التمييز بين الاسم التجاري والعلامة التجارية نقطة محورية في فهم حقوق الملكية الفكرية في المغرب. فلكل منهما تعريف ووظيفة وإجراءات تسجيل ونطاق حماية يختلف عن الآخر، مما يستدعي توضيحاً دقيقاً لتجنب أي التباس قد يؤثر على الحقوق التجارية.
1.1 الاسم التجاري (Nom Commercial)
الاسم التجاري هو التسمية التي تُسجل بها الشركة أو التاجر الفرد في السجل التجاري، ويُستخدم للتعريف بالشخص المعنوي أو الطبيعي في التعاملات الرسمية والقانونية. وظيفته الأساسية هي تحديد الكيان القانوني الذي يمارس النشاط التجاري، ويظهر في وثائق مثل العقود والفواتير والمعاملات الضريبية .
يُعرف القانون المغربي الاسم التجاري بأنه “التسمية التي يباشر بها المستغل تجارته، وقد يتكون من اسمه المدني أو اسم أسرته أو اسم مستعار أو اسم مركب بالنسبة للشركات”.2 هذا التعريف يؤكد على طبيعته كمعرف للكيان التجاري نفسه، وليس لمنتجاته أو خدماته.
تتم إجراءات تسجيل الاسم التجاري أمام كتابة ضبط المحكمة التجارية المختصة، ويظهر هذا الاسم في وثيقة تُعرف بـ”النموذج J” (Modèle J) أو “النموذج 7″، وهي مستخرج رسمي من السجل التجاري يثبت وجود الشركة ووضعها القانوني.3 قبل تسجيل الاسم التجاري في السجل التجاري، يُشترط الحصول على “الشهادة السلبية” من المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية (OMPIC).4 هذه الشهادة تؤكد عدم وجود اسم مشابه مسجل مسبقًا كاسم تجاري، وذلك لتجنب التباسات في السجل التجاري. ومع ذلك، فإن هذا الإجراء الوقائي، الذي يهدف إلى تجنب تكرار أسماء الشركات في السجل التجاري، لا يمنح حماية حصرية لاستخدام الاسم كعلامة تجارية للمنتجات أو الخدمات في السوق الأوسع. هذا يعني أن الحصول على الشهادة السلبية لا يضمن أن الاسم سيكون متاحًا كعلامة تجارية، أو أنه لن يتعارض مع علامة تجارية مسجلة بالفعل لمنتجات أو خدمات أخرى.
من الأهمية بمكان التأكيد على أن الاسم التجاري لا يمنح لوحده حقًا حصريًا على استخدام الاسم في السوق لتمييز المنتجات أو الخدمات، أو منعه عن الغير في سياق المنافسة التجارية . وظيفته تقتصر على التعريف القانوني للكيان التجاري، مما يجعله مختلفًا جوهريًا عن العلامة التجارية من حيث نطاق الحماية.
1.2 العلامة التجارية (Marque)
العلامة التجارية هي أي إشارة قابلة للتمثيل الشكلي، مثل اسم أو رمز أو شعار أو رسم أو صورة أو شكل أو لون أو صوت أو رائحة، أو حتى علامة ثلاثية الأبعاد.5 تُستخدم هذه الإشارة لتمييز المنتجات أو الخدمات التي تقدمها شركة عن تلك التي يقدمها منافسوها في السوق.5
يحدد القانون 17-97 أنواعاً مختلفة من العلامات التجارية، بما في ذلك علامات الصنع (التي يضعها المصنع)، وعلامات التجارة (التي يضعها التاجر على البضائع)، وعلامات الخدمة (التي تميز مؤسسة أو مشروع خدمات).5 كما يشمل القانون العلامات الجماعية وعلامات التصديق.5 يتم تصنيف المنتجات والخدمات التي تغطيها العلامة وفقاً لتصنيف نيس الدولي، مما يحدد نطاق الحماية الجغرافية والقطاعية للعلامة.
تُسجل العلامة التجارية رسمياً لدى المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية (OMPIC)، وهو الهيئة الحكومية المختصة بحماية الملكية الصناعية في المغرب.5
تُمنح العلامة التجارية حماية قانونية حصرية قوية من تاريخ إيداع طلب تسجيلها. هذا التسجيل يخول لصاحبها الحق في منع أي طرف آخر من استعمال نفس الاسم أو ما يشابهه لتمييز منتجات أو خدمات مماثلة أو مشابهة في نفس المجال التجاري.5 إن التحول في القانون المغربي من مبدأ “أولوية الاستعمال” إلى “أولوية التسجيل” هو تطور قانوني أساسي يتماشى مع الممارسات الدولية، مثل اتفاقية باريس واتفاقية مدريد.6 هذا التحول يؤكد الأهمية الحاسمة للتسجيل الاستباقي كأداة رئيسية لتأمين الحقوق، بدلاً من الاعتماد على الاستخدام المسبق أو السمعة التجارية وحدها. هذا يعني أن الشركات التي تعتمد فقط على حقوق القانون العام (المبنية على الاستخدام) أو على تسجيل الاسم التجاري دون تسجيل العلامة التجارية، تعمل في وضع قانوني ضعيف. الإطار القانوني الحالي في المغرب يفضل بشدة أولئك الذين يسجلون علاماتهم التجارية رسمياً، مما يجعل التسجيل ضرورة استراتيجية وليست مجرد إجراء إداري.
ثانياً: أثر تسجيل العلامة التجارية في القانون المغربي
إن تسجيل العلامة التجارية في المغرب ليس مجرد إجراء إداري، بل هو خطوة حاسمة تُحدد بشكل جذري حقوق الاستعمال وتوفر حماية قانونية لا تُضاهى مقارنةً بالاعتماد على الاسم التجاري وحده أو الاستخدام غير المسجل.
2.1 أولوية التسجيل وليس الأسبقية الزمنية في الاستعمال
يُعد مبدأ “أولوية التسجيل” حجر الزاوية في نظام حماية العلامات التجارية في المغرب. تنص المادة 153 من القانون 17-97 المتعلق بحماية الملكية الصناعية بوضوح على أن: “تخول ملكية العلامة من تاريخ إيداع طلب التسجيل لدى الهيئة المختصة، ولو كانت غير مستعملة من قبل…” .
بناءً على هذا النص الصريح، فإن الأولوية القانونية تُمنح بشكل قاطع لمن قام بإيداع طلب تسجيل العلامة أولًا لدى المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية (OMPIC)، وليس لمن بدأ في استعمالها أولًا أو أسس شركة باسم مشابه في السجل التجاري.6 هذا المبدأ يرسخ اليقين القانوني في ملكية العلامات التجارية، ويجعل تاريخ الإيداع هو المعيار الحاسم لتحديد صاحب الحق.
هذا المبدأ يخلق سباقًا إلى السجل التجاري للحصول على أسماء العلامات التجارية. وهذا يعني أن الذكاء التجاري، والبحث الدقيق عن العلامات، واتخاذ الإجراءات القانونية السريعة (مثل تقديم طلب تسجيل العلامة التجارية) هي أمور أكثر أهمية لتأمين حقوق العلامة التجارية من مجرد كونك أول من فكر في اسم العلامة التجارية أو حتى أول من استخدمها في السوق. قد يؤدي هذا إلى مواقف حيث يمكن لكيان أصغر وأقل رسوخًا قام بالتسجيل أولًا أن يطعن قانونيًا في كيان أكبر وأكثر رسوخًا كان يستخدم علامة مشابهة لفترة أطول ولكنه فشل في تسجيلها. هذا يبرز الطبيعة الاستباقية المطلوبة في استراتيجية الملكية الفكرية.
2.2 المخاطر القانونية لمن لم يسجل علامته
إذا كانت شركة تستعمل اسمًا تجاريًا أو شعارًا معينًا دون أن تسجله كعلامة تجارية لدى OMPIC، فإنها تكون في وضع قانوني بالغ الهشاشة. ففي هذه الحالة، لا تتمتع الشركة بحماية قانونية حصرية ضد التعدي على علامتها، مما يجعلها عرضة لمخاطر جسيمة.
في حالة قيام شركة أخرى بتسجيل هذا الاسم أو ما يشابهه كعلامة تجارية، يحق للشركة المالكة للعلامة المسجلة اتخاذ إجراءات قانونية صارمة ضد الشركة غير المسجلة. هذه الإجراءات تشمل:
- رفع دعوى تزوير (Contrefaçon de marque): وهي دعوى قضائية لمقاضاة المتعدي على العلامة، وتُعتبر من أقوى آليات الدفاع عن حقوق الملكية الصناعية.9 هذا الإجراء يمنح المالك المسجل القدرة على مقاضاة من يقوم بتقليد علامته أو استخدامها دون إذن، مما يوفر له سبل الانتصاف القانوني.
- المطالبة بوقف الاستعمال فوراً: يمكن للمالك القانوني للعلامة المسجلة أن يطلب من القضاء إصدار أمر بوقف فوري لاستخدام العلامة المخالفة. هذا الأمر القضائي قد يؤدي إلى تعطيل كبير لنشاط الشركة المخالفة، مما يجبرها على تغيير اسمها أو شعارها أو منتجاتها، ويترتب عليه خسائر فادحة [user’s draft].
- المطالبة بتعويضات مالية: إذا ثبت وقوع ضرر مادي (مثل خسارة الأرباح) أو معنوي (مثل الإضرار بالسمعة التجارية) نتيجة التعدي، يحق للمالك المطالبة بتعويضات مالية كبيرة. المادة 201 من القانون 17-97 تحدد أحكام التعويض عن التعدي على حقوق الملكية الصناعية.9
إن هذه التبعات القانونية تمثل رادعًا قويًا ضد التعدي، وآلية إنفاذ فعالة متاحة لأصحاب العلامات التجارية المسجلة. هذا يُظهر أن التسجيل الاستباقي للعلامة التجارية يؤدي مباشرة إلى وضع قانوني قوي والقدرة على الدفاع عن العلامة بفعالية، في حين أن عدم التسجيل يؤدي إلى ضعف شديد واحتمال خسائر مالية ومعنوية جسيمة.
2.3 حالات التشابه في الأسماء بين الشركات
في السيناريوهات التي يتشابه فيها اسم تجاري مسجل في السجل التجاري لشركة (على سبيل المثال: “Smail Shop SARL”) مع علامة تجارية مسجلة لدى OMPIC (على سبيل المثال: “Smail Shop”)، فإن القانون المغربي يرجح كفة العلامة التجارية المسجلة، حتى لو كانت الشركة التي تحمل الاسم التجاري أقدم من حيث التأسيس أو الاستخدام . هذا المبدأ يعكس أولوية حماية الملكية الفكرية في السوق، ويؤكد أن تسجيل العلامة التجارية هو الذي يمنح الحق الحصري في استخدامها لتمييز المنتجات والخدمات.
ومع ذلك، توجد بعض التعقيدات القانونية المتعلقة باستخدام الاسم العائلي كعلامة تجارية أو اسم تجاري. على الرغم من أن القاعدة العامة تمنع اعتماد عنوان تجاري مستعمل من قبل الغير كعلامة تجارية، إلا أنه يجوز لحامل الاسم العائلي الذي يشكل علامة مملوكة للغير أن يستخدم ذلك الاسم كعنوان تجاري أو شعار أو تسمية تجارية لشركته، بشرط أن يكون هذا الاستعمال “بحسن نية”.6 هذا الاستثناء يهدف إلى الموازنة بين حقوق الملكية الفكرية وحقوق الهوية الشخصية، ويُدخل عنصرًا من الدقة والتعقيد في تطبيق القانون.
هذه النقطة الدقيقة تُظهر أن على الشركات توخي الحذر الشديد وطلب المشورة القانونية المتخصصة عند اختيار اسم علامتها التجارية، خاصة إذا كان الاسم يتضمن كلمات شائعة، أو مصطلحات وصفية، أو أسماء شخصية/عائلية. فمثل هذه الحالات يمكن أن تؤدي إلى نزاعات معقدة ومكلفة تتجاوز مجرد فحص التسجيل البسيط.
ثالثاً: الحماية القانونية للعلامة المسجلة
عند تسجيل العلامة التجارية لدى المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية (OMPIC)، يتمتع صاحبها بمجموعة من الحقوق القانونية الأساسية التي توفر حماية شاملة لملكيته الفكرية، مما يُعزز من قدرته على الدفاع عن علامته واستغلالها تجارياً.
تتمثل هذه الحقوق في الآتي:
الحق القانوني | المرجع في القانون 17-97 | التوضيح |
الحماية الحصرية للاستعمال | المادة 154 | يمنح تسجيل العلامة التجارية صاحبها الحق الحصري في استعمالها لتمييز منتجاته أو خدماته في الفئات المسجلة. لا يجوز لأي طرف آخر استعمال نفس العلامة أو علامة مشابهة لها لتمييز منتجات أو خدمات مماثلة أو مشابهة دون إذن صريح من المالك. |
الحق في مقاضاة المتطفلين (دعوى التزوير) | المادة 159 | يمكن لصاحب العلامة المسجلة اللجوء إلى القضاء لرفع دعاوى ضد أي تعدٍ أو تزوير لعلامته، سواء كان ذلك تقليدًا أو استخدامًا غير مصرح به. |
الحجز على المنتجات المقلدة | المادة 160 | يحق لصاحب العلامة المطالبة بحجز البضائع والمنتجات التي تستعمل علامته دون إذن قانوني، وذلك لمنع تداولها في السوق والحد من الأضرار. |
طلب التعويض | المادة 201 | يحق لصاحب العلامة المسجلة المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت به نتيجة التعدي على علامته، وتشمل الأضرار المالية المباشرة (مثل خسارة الأرباح) والأضرار المعنوية (مثل الإضرار بالسمعة التجارية). |
إن الطبيعة الشاملة للسبل القانونية المتاحة لأصحاب العلامات التجارية المسجلة (الاستخدام الحصري، التقاضي، حجز البضائع، والتعويضات المالية) تُظهر قوة حماية العلامات التجارية في المغرب بمجرد تسجيل العلامة رسمياً. هذا يخلق حافزًا قويًا للشركات لتسجيل علاماتها التجارية، حيث يوفر مسارًا قانونيًا واضحًا وفعالًا للدفاع عن أصول علامتها التجارية ضد التعدي.
إن الإطار القانوني المغربي مصمم بدقة لتوفير حماية شاملة، تغطي منع التعدي، والإنفاذ الفعال، والتعويض الفعال عن الأضرار. بالنسبة للشركات، فإن تسجيل العلامة التجارية ليس مجرد إجراء إداري، بل هو استثمار استراتيجي حاسم يمنحها “الأسنان” القانونية، مما يمكنها من مكافحة الاستخدام غير المصرح به لعلامتها التجارية بفعالية وحماية مكانتها في السوق.
رابعاً: التوصيات العملية لأصحاب المشاريع
لضمان أقصى حماية لحقوق الملكية الفكرية وتجنب النزاعات القانونية المكلفة، يُنصح أصحاب المشاريع في المغرب باتباع التوصيات العملية التالية:
- سجّل علامتك التجارية فور اختيار الاسم، ولا تكتفِ بتسجيل الشركة:
يجب المبادرة بتسجيل العلامة التجارية لدى المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية (OMPIC) بمجرد الاستقرار على الاسم والشعار الخاص بالمنتجات أو الخدمات. من الضروري عدم الاكتفاء بتسجيل الاسم التجاري للشركة في السجل التجاري، نظرًا للفروقات الجوهرية في طبيعة الحماية التي يمنحها كل منهما. فبينما يحدد الاسم التجاري الكيان القانوني للشركة، فإن تسجيل العلامة التجارية هو وحده الذي يمنح الحق الحصري في الاستعمال التجاري للمنتجات والخدمات.6 هذا التمييز يعالج بشكل مباشر سوء الفهم الشائع بأن تسجيل الاسم التجاري يوفر حماية كافية للعلامة التجارية، ويؤكد على الحاجة الماسة لاتخاذ إجراءات منفصلة واستباقية لحماية العلامة التجارية. - تأكد أن العلامة تغطي الفئات المناسبة (حسب تصنيف نيس الدولي):
عند تقديم طلب تسجيل العلامة التجارية، يجب تحديد فئات المنتجات والخدمات بدقة وفقاً لتصنيف نيس الدولي.5 هذا التصنيف يضمن أن الحماية الممنوحة للعلامة تغطي المجالات التجارية التي تنشط فيها الشركة فعلاً، حيث أن الحماية تقتصر على الفئات المسجلة. أي إغفال في تحديد الفئات قد يترك ثغرات يمكن للمنافسين استغلالها، مما يجعل التسجيل غير فعال جزئياً. - راقب السوق بشكل دوري لتتأكد من عدم وجود علامات مشابهة قد تخلق لبسًا:
نظرًا لأن المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية (OMPIC) لا يجري فحصًا موضوعيًا شاملاً لطلبات تسجيل العلامات التجارية (بل يكتفي بالفحص الشكلي) 6، يقع على عاتق أصحاب العلامات المسجلة مسؤولية مراقبة “جريدة العلامات التجارية” الصادرة عن OMPIC بشكل دوري.6 الهدف من هذه المراقبة هو التعرف على الطلبات الجديدة والتعرض لأي علامات مشابهة أو مطابقة قد تخلق لبسًا في السوق وتعدي على حقوقهم. هذا الإجراء ضروري للحفاظ على حصرية العلامة المسجلة، ويعكس أن حماية الملكية الفكرية هي مسؤولية مستمرة ونشطة تقع على عاتق الشركات، وليست عملية تنتهي بمجرد التسجيل. - في حالة وجود تعارض مع شركة أخرى، بادر بإنذار قانوني عبر محامٍ قبل اللجوء للقضاء:
في حال اكتشاف تعدٍ أو تشابه قد يؤدي إلى لبس، يُنصح بالبدء بإجراءات ودية أو شبه قضائية، مثل إرسال إنذار قانوني رسمي عبر محامٍ متخصص في الملكية الفكرية . هذا الإجراء قد يفتح الباب أمام تسوية ودية أو تفاوض، مما يوفر الوقت والجهد والتكاليف المرتبطة بالدعاوى القضائية المعقدة والمكلفة. تُعد هذه الخطوة نهجاً قانونياً استراتيجياً يفضل الكفاءة وفعالية التكلفة على التقاضي الفوري والمحتمل أن يكون طويلاً. - فكّر في وضع اتفاق ترخيص إذا كنت تريد السماح لشركة أخرى باستعمال علامتك مقابل مادي:
يمكن استغلال العلامة التجارية كأصل مالي من خلال منح تراخيص للغير لاستعمالها. يمكن أن تكون هذه التراخيص حصرية أو غير حصرية، وتتم عادة مقابل رسوم تُعرف بـ”الإتاوات” (Royalties).10 هذا يوفر شكلاً مشروعًا لاستغلال العلامة التجارية، ويساعد في بعض الحالات على تجنب إبطال العلامة بسبب عدم الاستعمال الفعلي من قبل مالكها.10 هذا يبرز أن العلامات التجارية هي أصول ذات قيمة يمكن تحقيق الدخل منها من خلال اتفاقيات الترخيص الاستراتيجية، وليست مجرد أصول محمية.
خاتمة
إن فهم الفروقات الجوهرية بين الاسم التجاري والعلامة التجارية ليس مجرد مسألة نظرية، بل هو مسألة بقاء تجاري واستراتيجي حاسمة في بيئة الأعمال المغربية. إنها الركيزة التي تُبنى عليها حماية الأصول غير الملموسة للشركة، والتي تُعد من أهم مقومات نجاحها واستمراريتها. إهمال هذا التمييز أو التقليل من شأنه يعرض الشركات لمخاطر قانونية وتجارية جسيمة، قد تؤدي إلى فقدان الحقوق في العلامة التجارية حتى بعد سنوات من الاستخدام وبناء السمعة.
التسجيل المسبق والذكي للعلامة التجارية يمنح صاحبها حماية قانونية قوية وحصرية، ويؤسس لملكية فكرية راسخة. هذه الملكية الفكرية لا تحمي النشاط التجاري من التعديات فحسب، بل تزيد أيضاً من قيمة الشركة، وتُعد عامل جذب رئيسي للمستثمرين والشركاء المحتملين، مما يرسخ الثقة القانونية والمهنية في السوق.على الرغم من التطورات الإيجابية التي شهدها القانون المغربي في مجال الملكية الصناعية، وخاصة مع إدخال نظام التعرض على تسجيل العلامة التجارية 6، لا تزال هناك بعض التحديات العملية التي تتطلب يقظة مستمرة من أصحاب المشاريع. من هذه التحديات صعوبة المراقبة الدورية لجميع الإعلانات عن العلامات الجديدة، وعدم وضوح بعض الإجراءات المتعلقة بالطعون القانونية.6 هذه التحديات تشير إلى أن حماية الملكية الفكرية هي عملية ديناميكية تتطلب تحديثات تشريعية مستمرة لتحسين النظام القضائي والإجرائي، وتوفير بيئة أعمال أكثر أمانًا وفعالية. إن اليقظة المستمرة من قبل أصحاب الحقوق، إلى جانب التطور المستمر للإطار القانوني، سيضمنان بيئة تجارية عادلة ومحمية في المغرب.
مراجع ومصادر موثوقة
- القانون رقم 17-97 المتعلق بحماية الملكية الصناعية (النسخة المعدلة 2014):
- الظهير الشريف رقم 1.00.91 الصادر في 9 ذي القعدة 1420 (15 فبراير 2000) بتنفيذ القانون رقم 17-97 المتعلق بحماية الملكية الصناعية، بصيغته المعدلة بموجب القانون رقم 23.13 الصادر في 27 محرم 1436 (21 نوفمبر 2014).1
- رابط تحميل من WIPO Lex: https://www.wipo.int/wipolex/ar/legislation/details/19767.1
- المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية (OMPIC):
- صفحة العلامات التجارية على الموقع الرسمي للمكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية.5
- رابط OMPIC: https://www.ompic.org.ma/.7
- رابط صفحة العلامات التجارية: https://www.ompic.org.ma/fr/propriete-industrielle/marques.5
- المنظمة العالمية للملكية الفكرية (WIPO):
- معلومات حول أولويات التسجيل للعلامات التجارية والمفاهيم العامة للملكية الفكرية.12
- رابط WIPO (صفحة العلامات التجارية): https://www.wipo.int/brands/en/.12
- رابط مقال WIPO حول حماية العلامة التجارية: https://www.wipo.int/ar/web/wipo-magazine/articles/developing-and-protecting-your-online-brand-tips-for-the-new-entrepreneur-42569.14
- مقالات ودراسات قانونية:
- “إشكالات قانونية وعملية لنظام التعرض على تسجيل العلامة التجارية في المغرب” للدكتور عمر شهدي، مجلة المنازعات التجارية، العدد 1، ماي-يونيو 2014.6
- رابط المقال: https://revues.imist.ma/index.php/Contentieux-Affaires/article/download/8230/4649/19639.6
- دراسات حول تعريف الاسم التجاري في القانون المغربي.2
- رابط الدراسة: http://dspace.univ-djelfa.dz:8080/xmlui/bitstream/handle/123456789/2734/Ali.pdf?sequence=1.2
- مواقع قانونية متخصصة:
- معلومات حول السجل التجاري والنموذج J.3
- رابط المحكمة التجارية بالدار البيضاء (وثائق التسجيل): http://135.181.86.70/pages/rc-inscription/.4
- رابط Wintime (حول النموذج J): https://wintime.ma/en/model-j-in-morocco-everything-you-need-to-know/.3
- رابط OMPIC (إدارة العلامة التجارية): http://www.ompic.org.ma/ar/content/dr-llm-ltjry.10
- رابط OMPIC (الدفاع عن الحقوق): http://www.ompic.org.ma/ar/content/ldf-n-lhqwq-0.9
Works cited
- القانون رقم 17.97 المتعلق بحماية الملكية الصناعية (الصادر بموجب الظهير رقم 1.00.91 المؤرخ 9 ذي القعدة 1420 (15فبراير 2000) بصيغته المعدلة إلى غاية القانون رقم 23.13), المغرب, WIPO Lex, accessed June 11, 2025, https://www.wipo.int/wipolex/ar/legislation/details/19767
- اﻹﺳم اﻟﺗﺟﺎري ﺑﯾن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺗﺟﺎري وﻗواﻧﯾن اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ اﻟﺻﻧ – of DSpace, accessed June 11, 2025, http://dspace.univ-djelfa.dz:8080/xmlui/bitstream/handle/123456789/2734/Ali.pdf?sequence=1
- Model J in Morocco: Everything you need to know – Wintime, accessed June 11, 2025, https://wintime.ma/en/model-j-in-morocco-everything-you-need-to-know/
- المحكمة التجارية بالدار البيضاء – وثائق التسجيل بالسجل التجاري – منصة الموظف, accessed June 11, 2025, http://135.181.86.70/pages/rc-inscription/
- حول العلامة التجارية | Office Marocain de la Propriété Industrielle et …, accessed June 11, 2025, http://www.ompic.ma/ar/content/hwl-llm-ltjry
- اإلشكاالت القانونٌة و العملٌة لنظام التعرض على تسجٌل العالمة التجارى, accessed June 11, 2025, https://revues.imist.ma/index.php/Contentieux-Affaires/article/download/8230/4649/19639
- وقع المكتب المغربي للملكية الصناعية و التجارية اتفاقا مع الوزارة بهدف التعاون – الفروع الإقليمية | Office Marocain de la Propriété Industrielle et Commerciale, accessed June 11, 2025, http://www.ompic.ma/ar/content/lfrw-lqlymy
- المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية – ويكيبيديا, accessed June 11, 2025, https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%83%D8%AA%D8%A8_%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%BA%D8%B1%D8%A8%D9%8A_%D9%84%D9%84%D9%85%D9%84%D9%83%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%86%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A9_%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AC%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%A9
- الدفاع عن الحقوق | Office Marocain de la Propriété Industrielle et …, accessed June 11, 2025, http://www.ompic.org.ma/ar/content/ldf-n-lhqwq-0
- إدارة العلامة التجارية – Office Marocain de la Propriété Industrielle et Commerciale |, accessed June 11, 2025, http://www.ompic.org.ma/ar/content/dr-llm-ltjry
- القانون رقم 17.97 المتعلق بحماية الملكية الصناعية (الصادر بموجب الظهير رقم 1.00.91 المؤرخ 9 ذي القعدة 1420 الموافق (15 فبراير 2000)), المغرب, WIPO Lex, accessed June 11, 2025, https://www.wipo.int/wipolex/ar/legislation/details/2953
- World Intellectual Property Organization – Wikipedia, accessed June 11, 2025, https://en.wikipedia.org/wiki/World_Intellectual_Property_Organization
- المنظمة العالمية للملكية الفكرية – ويكيبيديا, accessed June 11, 2025, https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%B8%D9%85%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%A9_%D9%84%D9%84%D9%85%D9%84%D9%83%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%83%D8%B1%D9%8A%D8%A9
تطوير علامتك على الإنترنت وحمايتها: نصائح لرائد الأعمال الجديد – WIPO, accessed June 11, 2025, https://www.wipo.int/ar/web/wipo-magazine/articles/developing-and-protecting-your-online-brand-tips-for-the-new-entrepreneur-42569